حرب التسقيط تبدأ في العراق.. الذكاء الاصطناعي يدخل السباق الانتخابي

وفي ظل تراجع الثقة بالمصادر التقليدية للمعلومة، أصبحت مواقع مثل فيسبوك، تويتر (إكس)، إنستغرام، وتيليغرام، ساحة رئيسية لخوض المعارك الإعلامية، تنتشر الشائعات والمعلومات المفبركة بسرعة كبيرة، مما يفرض تحديًا كبيرًا أمام نزاهة الانتخابات وحيادية الناخب.
وفبركة الأخبار تشير إلى إنشاء وترويج معلومات مزيفة، مضللة أو خارج سياقها، بهدف تحقيق أهداف سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية. وتشمل:
-أخبار كاذبة عن المرشحين أو الأحزاب.
-وثائق مزورة.
صور وفيديوهات مفبركة (Deepfake).
-تسريبات صوتية بعضها حقيقية مثل التسريب الأخير للسياسي خميس الخنجر وأخرى غير حقيقية.
-حسابات وهمية تدير حملات تضليلية.
خبراء اكدوا ان “استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لتوليد نصوص وصور وفيديوهات مزيفة اصبح أمر شائع، مما يزيد صعوبة كشف الفبركة”.
وأضافوا ان “هناك أحزابا وجهات سياسية توظف جيوشًا إلكترونية (Bots أو Troll farms) لنشر محتوى مزيف وتكراره بشكل واسع، حيث ان تطبيقات مثل تليغرام وواتساب تُستخدم لنشر أخبار مفبركة بين المجموعات المغلقة، مما يعقد تعقبها.
وذكر مراقبون ان “من العوامل التي تُسهم في سرعة انتشار الأخبار المفبركة في العراق هي انخفاض الوعي الإعلامي حيث ان ضعف الثقافة الرقمية لدى شرائح واسعة من المجتمع العراقي يجعلهم عرضة لتصديق أي خبر يتم تداوله على وسائل التواصل، إضافة الى غياب الرقابة الفعالة بسبب ضعف التشريعات الناظمة للإعلام الرقمي، وغياب جهة رقابية مستقلة تتعامل مع المحتوى الإلكتروني، يتيح المجال للفوضى الإعلامية، كما ان الحساسيات السياسية والطائفية تستغل لترويج أخبار موجهة ضد خصوم سياسيين، مما يزيد سرعة انتشارها في بيئة مستقطبة”.
واكدوا ان “الناخب العراقي غالبًا ما يثق بالمعلومة القادمة من أقاربه أو مجموعات التواصل أكثر من وسائل الإعلام الرسمية”.
وذكر المتحدث باسم ائتلاف النصر سلام الزبيدي لـ السومرية نيوز، انه “مع قرب موعد الانتخابات فأن حمى التنافس بدات منذ وقت مبكر وهناك ضرب للخصوم وايضا تسقيط بدء داخل المكون الواحد و داخل الحزب الواحد وانشقاقات على مستوى المكونات السياسية”، لافتا الى ان “السبب الرئيسي لهذه الانشقاقات هو المصالح الخاصة وليس المصالح العليا”.
وتابع “لم نجد حتى الان مشروعا وطنيا يتفق عليه الجميع من اجل عملية سياسية ومن اجل اقناع الناخب واعادة ثقته بالعملية الانتخابية، و لم نستفد من تجارب الانتخابات السابقة”، موضحا ان “المواطن مازال لحد الان فاقد الثقة بصناديق الاقتراع وفاقد الثقة بالعملية السياسية لان كل الانتخابات والتجارب السابقة لم تعبر عن ارادة الناخب وعن الوضع السياسي او الاستحقاق الحقيقي لصناديق الاقتراع”.
وأشار الى ان “القوى التقليدية ما زالت لحد الان هي من تمتلك السلطة والنفوذ والمال وهي من تتحكم بالانتخابات وحتى عملية الفوز تنحصر بشكل كبير للجهات المتنفذة”، موضحا ان “المال اصبح وسيلة كبيرة لاستقطاب الناخبين وهذه القوى السياسية تعول على جمهورها الثابت الذي يعتمد بشكل كبير على ماذا يقدمه الحزب او القائمة للمواطن كخدمة شخصية وليس خدمة عامة والدليل اننا نلاحظ هذه الكتل السياسية تتحرك في مساحات ومناطق من اجل استمالة ودغدغة مشاعر المواطنين من خلال استغلال حاجتهم للمال وحاجتهم لتقديم خدمات عامة وبالتالي يضطر المواطن ان يذهب لاختيار القائمة والحزب المعين بدون ان تكون لديه قناعة بهذا المشروع كمشروع وطني وسياسي”.
وذكر ان “ممارسات الاحزاب والكتل السياسية وخروقها لنزاهة العملية الانتخابية وشروطها التي من المفترض كمفوضية عليا للانتخابات، ان تحدد شروط ومعايير للدعاية الانتخابية ومحاسبة كل الكتل والاحزاب المسجلة داخل المفوضية في كيفيه استخدام الدعاية الانتخابية”، موضحا ان “كل الانتخابات السابقة لاحظنا هناك خروقات كبيرة وضرب للتوقيتات التي تحددها المفوضية بدون ان يكون هناك رادع حقيقي رغم ان المفوضية اصدرت مجموعة تعليمات وقوانين خاصة ولكن لم نشاهد اي عقوبة ممكن ان تردع هذه الجهات لاسيما الكتل المتنفذة التي لديها خروقات ما انزل الله بها من سلطان”.
وأشار الى ان “الكتلة او الحزب المتنفذ يغطي على هذه الخروقات من خلال التاثير على المفوضية وعلى صناع القرار”، معربا عن امله ان “تكون هناك تشريعات حقيقية من البرلمان العراقي ومن مجلس المفوضين والتي تحد بشكل كبير من استخدام المال والنفوذ والسلطة والخروقات الكبيرة التي تمارس بدون تحقيق عدالة بين كل الكتل السياسية وبين المستقلين والحركات الناشئة”.
وشدد على “ضرورة ان تتدخل الحكومة ومجلس النواب بشكل كبير لحماية العملية الانتخابية وضمان نزاهتها وتجريد المتنفذين من المال والسلطة والنفوذ فهي موازين ومعايير غير متكافئة بين كل المشاركين بالعملية الانتخابية”.
واكد ان “الوقت ما زال في متسع من اجل ان نعيد ثقة الناخب العراقي بالعملية الانتخابية ونعيد ثقة الناخب في العملية السياسية حتى نضمن نسبة مشاركة كبيرة في هذه الانتخابات من خلال الاجراءات التي تقوم بها المفوضية ومجلس النواب والحكومة العراقية”.
وفي الانتخابات السابقة (2018 و2021)، انتشرت مقاطع فيديو تزعم تزوير ، وتبين لاحقًا أنها تعود لدول أخرى كما نشرت صور لمرشحين في تلك الانتخابات برفقة “شخصيات مثيرة للجدل” لكنها مفبركة عبر برامج التعديل، واستُخدمت تسريبات صوتية وهمية ضد بعض المرشحين لتشويه سمعتهم عشية الاقتراع.
ويهدف تأثير الأخبار المفبركة على العملية الانتخابية الى تشويه سمعة المرشحين واسقاط مرشح واعد أو تُبرز آخرين بشكل زائف.
وان بعض الأخبار المفبركة قد تثير غضبًا شعبيًا أو احتجاجات على خلفية طائفية أو عشائرية.
وفبركة الأخبار أصبحت تهديدًا حقيقيًا للديمقراطية الناشئة في العراق، خصوصًا في ظل بيئة سياسية معقدة ومجتمع يعاني من تراجع الثقة بالمؤسسات.
ومع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية، ينبغي أن تكون مكافحة الأخبار المزيفة أولوية وطنية، تشترك فيها الدولة، الإعلام، المجتمع المدني والمواطنون أنفسهم.